اعتمد على آلية تنفس تعمل على تقليص الحجاب الحاجز بصورة تسمح بدخول كميات أكثر من الهواء إلى تجويفه الصدري
أظهرت دراسة نشرتها دورية “نيتشر كومينكشينز” (Nature Communications) اليوم “الثلاثاء”، 30 أكتوبر، أن القفص الصدري لإنسان النياندرتال يتساوى في الحجم ويختلف من حيث الشكل مع القفص الصدري للإنسان الحديث، مرجِّحةً أن يكون “إنسان النياندرتال قد استخدم آلية تنفُّس مختلفة عن الإنسان الحديث”.
وقبل أكثر من 150 عامًا، اكتشف الباحثون بضعة أضلع كانت يومًا ما مكوِّنًا أساسيًّا للقفص الصدري لإنسان النياندرتال الذي انقرض قبل نحو 40 ألف سنة، ومنذ ذلك الاكتشاف، يحاول العلماء مناقشة حجم القفص الصدري لـ”النياندرتال” وشكله، وخاصة بعد ظهور اختلافات في شكل أضلعه وبنيتها.
قام الباحثون بتصميم نماذج افتراضية ثلاثية الأبعاد، اعتمدت على بيانات وصور للهيكل العظمي الأصلي لإنسان النياندرتال “كبارة 2″ المُكتشف عام 1983 في مغارة تحمل الاسم نفسه تقع شمالي إسرائيل، ثم قاموا بتصوير الهيكل العظمي لـ”كبارة 2” بواسطة الأشعة المقطعية، وأجروا تقييمًا دقيقًا لجميع الأضلع باستخدام التحليل المورفومتري عبر دراسة وقياس أبعاد وأحجام الأضلع بشكل دقيق، ليجدوا أن صدر “كبارة 2” يختلف من حيث الشكل مع صدر الإنسان الحديث، إذ إن الجزء السفلي أكثر اتساعًا، ما يعني أن القدرات التنفسية لإنسان النياندرتال كانت أكبر مقارنةً بالإنسان الحديث “الهومو سابينس”.
ويشير الباحثون إلى أن المساحة السطحية للحجاب الحاجز لإنسان النياندرتال أكبر من مثيلتها لدى “الهومو سابينس”، ما يعني أن آلية تنفُّس “النياندرتال” كانت تعتمد بشكل أكبر نسبيًّا على تقلص الحجاب الحاجز. ففي البشر الحاليين، تفصل عضلة الحجاب الحاجز بين القفص الصدري وتجويف البطن. وفي أثناء عملية التنفس تتحرك تلك العضلة إلى أسفل لزيادة مساحة الصدر، في الوقت الذي تتراجع فيه عضلات الأضلع إلى الخارج، بهدف زيادة الحجم الكلي للصدر وخلق فراغ ينساب عبره الهواء في عملية الشهيق.
ويوضح الباحثون أن “النياندرتال ربما يكون قد اعتمد على آلية تنفس مختلفة تعمل على تقليص الحجاب الحاجز بصورة أكبر؛ للسماح بدخول كميات أكبر من الهواء إلى تجويفه الصدري”.
وعلى الرغم من الاختلافات الموجودة في عرض وعمق القفص الصدري لإنسان النياندرتال، يؤكد الباحثون أن الحجم الكلي لقفصه الصدري يتساوى مع حجم القفص الصدري للإنسان الحديث؛ إذ عوض البشر الحاليون اتساع الجزء السفلي عند النياندرتال بزيادة حجم الجزء العلوي من القفص الصدري، ما خلق توازنًا بين الحجم الكلي للقفص الصدري عند كلٍّ من “الهوموسابينس” و”النياندرتال”.
من جهته، يقول “آسيير جوميز أوليفينثيا” -الباحث في قسم علوم طبقات الأرض والحفريات بجامعة إقليم الباسك الإسبانية، والمؤلف الأول للدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “إن الورقة العلمية غيرت فهمًا ظل سائدًا طيلة عقود؛ إذ اعتقد العلماء أن حجم القفص الصدري للنياندرتال أكبر من مثيله لدى البشر المعاصرين، وهو الأمر الذي أثبت الباحثون في تلك الورقة عدم صحته”.
يضيف “أوليفينثيا” أن “الدراسة اكتنفها العديد من الصعوبات، من ضمنها هشاشة أضلع إنسان “كبارة 2″، ما استلزم حرصًا شديدًا في التعامل معها في أثناء عملية التصوير”، مؤكدًا أن الأشعة المقطعية أظهرت وجود اختلافات طفيفة لا يُمكن ملاحظتها بالعين المجردة في شكل أضلع إنسان النياندرتال وبنيتها.
ويشير “أوليفينثيا” إلى أن إعادة بناء القفص الصدري لإنسان “كبارة 2” استغرقت 4 أعوام كاملة، واصفًا أهمية النتائج بأنها تُقدم أول نظرة علمية ثاقبة إلى منطقة تشريحية ظلت مهمَلةً في كثير من الأحيان.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.