لقد حدد العلماء في العديد من التخصصات العلمية مثل الجيولوجيا والبيولوجيا والبيولوجيا التطورية خمسة أحداث انقراض جماعي على مدار تاريخ الحياة على الأرض كان آخرها انقراض الديناصورات، وجميع أحداث الانقراض هذه حدثت بفعل كوارث متشابهة في الحقيقة. ولكي نطلق على حدث انقراض بأنه جماعي يجب أن تكون أكثر من نصف أشكال الحياة المعروفة على الكوكب قد هلكت في تلك الفترة.
قبل 65 مليون سنة انقرض آخر ديناصور غير طائر، بالإضافة للموزاصورات-mosasaurs والبليزوصورات- plesiosaurs العملاقة في البحار والتيروصورات- pterosaurs في السماء.
وتضررت العوالق التي تشكل أساس السلسلة الغذائية في المحيطات، كما اختفت الكثير من فصائل ذوات القوائم الذراعية والإسفنجيات البحرية، وتلاشت الأمونيات المتبقية (الأصداف المتحجرة) ذات القشرة الصلبة، وتقلص تنوع القروش وذبلت (تلاشت) الحياة النباتية وأنواع أخرى من الطيور والثدييات والأسماك والرخويات، إذ قضى هذا الانقراض على حوالي 75% من الأنواع الحية الموجودة على الأرض في ذلك الوقت.
كيف اختفت الديناصورات وكيف حدث انقراض الديناصورات
ربما يكون الانقراض الجماعي الأكثر شهرةً هو ذلك الذي قضى على جميع الديناصورات على الأرض، وكان هذا الانقراض هو الانقراض الجماعي الخامس الذي يدعى انقراض العصر الطباشيري الثلاثي أو اختصارًا انقراض K-T.
وعلى الرغم من أن انقراض العصر البرمي الثلاثي-Permian Mass Extinction (والمعروف أيضًا باسم “الموت العظيم”) كان أضخم بكثير من ناحية الكميات الكبيرة من الأنواع التي انقرضت، فإن انقراض العصر الطباشيري الثلاثي (انقراض الديناصورات) هو الحدث المعروف بين عامة الناس وذلك بسبب إعجابهم بالديناصورات.
ويعتبر انقراض العصر الطباشيري الثلاثي هو الخط الفاصل بين العصر الطباشيري الذي أنهى حقب الحياة الوسطى (الميسوزوري) وبداية العصر الثلاثي أو التيرياسي في بداية حقب الحياة الحديثة (السينوزوي- الكاينوزوي) وهي الحقبة التي ما نزال نعيش فيها.
يشكل السبب وراء الانقراض الجماعي هذا لغزًا علميًا. إذ قضى الانقراض على الديناصورات بينما نجت معظم الثدييات والسلاحف والتماسيح وحيوانات السلمندر والضفادع. وفرت الطيور والحلزونات وذوات الصدفتين (ذوات المصرعين) ونجوم وقنافذ البحر أيضًا. وحتى النباتات القادرة على الصمود في وجه الظروف المناخية القاسية قد أبلت بلاءً حسنًا في وجه الانقراض.
يميل العلماء للإجماع على واحدة من فرضيتين قد تفسران الانقراض الطباشيري وهما: تأثير فضائي (من خارج الأرض) كالكويكبات والمذنبات، أو انفجار بركاني هائل. وكلا السيناريوهين كان سيخنق السماء بالحطام الذي حرم الأرض من طاقة الشمس وأدى لتعطيل عملية التركيب الضوئي ونشر الهلاك على طول السلسلة الغذائية.
ما هو مصير النباتات التي نجت من الظلام؟
ليست أفضل حالًا، فبمجرد استقرار الغبار كانت الغازات الدفيئة المثبتة في الغلاف الجوي سوف تتسبب بارتفاع درجات الحرارة، والتقلبات الجوية السريعة ستطيح بكثير من أنواع الحياة التي نجت من الظلام الذي ساد الكوكب لفترة طويلة.
ما هو سبب انقراض الديناصورات؟ كويكب أم براكين؟
لا يزال جواب سؤال كيف انقرضت الديناصورات غير محسوم تماماً، حيث هناك نظريتان أساسيتان لأسباب الانقارض الجماعي لها، وبينما يعتقد البعض بنظرية واحدة، هناك توجه لقبول مزيج من النظريتين معاً كسبب للانقراض.
نشأت نظرية التأثير الخارجي من اكتشاف وجود طبقة من الصخور يعود تاريخها بدقة لتاريخ الانقراض وهي غنية بمعدن الإيريديوم، وتوجد هذه الطبقة في كل أنحاء الكرة الأرضية من اليابسة وحتى المحيطات.
ولكن معدن الإيريديوم هو معدن نادر الوجود على الأرض على عكس الأجسام الفضائية بما في ذلك الكويكبات والمذنبات والشهب والتي يوجد فيها هذا المعدن بنفس التركيز الموجود في الطبقة المكتشفة، وقاد هذا العلماء للافتراض أن الإيريديوم انتشر بكل أنحاء الأرض عندما ضرب مذنب أو كويكب في مكانٍ ما على الأرض ثم تبخر.
إذ كثرت التصادمات الكويكبية الضخمة جدًا في هذه الفترة، ومثال على هذه التصادمات اكتشاف حفرة بطول 110 ميل (180 كيلومتر) شكلت شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك والتي تعرف بـ Chicxulub ويعود تاريخها لـ 65 مليون سنة.
ويعتقد العديد من العلماء أن الغبار الإشعاعي الناتج عن الاصطدام قد قضى على الديناصورات. يعني أن السبب الكامن وراء هذا الانقراض موثق بشكلٍ جيد بفضل هذه الطبقة، وأصبحت هذه الطبقة من الصخور تعرف بحدود انقراض العصر الطباشيري الثلاثي وبات هذا التعريف عالميًّا.
وبحلول العصر الطباشيري انجرفت القارات عن بعضها، فقد كانت جميعها قارةً واحدة (القارة العظمى) تعرف باسم بانجيا في بدايات حقب الحياة الوسطى (الميزوزوي)، والحقيقة بأن حدود انقراض العصر الطباشيري الثلاثي يمكن أن توجد في قارات مختلفة تشير إلى أن انقراض العصر الطباشيري الثلاثي كان عالميًا وحدث بسرعة كبيرة.
ولم تكن التصادمات هي المسؤولة بشكل مباشر على انقراض 75% من الأنواع التي وجدت في تلك الفترة، وإنما الآثار اللاحقة طويلة الأمد للتصادمات والتي كانت مدمرة. وقد تكون المشكلة الكبيرة التي يسببها اصطدام الكويكبات بالأرض هي ما يطلق عليه “شتاء الاصطدام”.
لماذا حدث انقراض الديناصورات ؟
لأن الأحجام الضخمة للحطام الفضائي الساقط على الأرض سببت انتشار الرماد والغبار وغيرها من الحطام الذي حجب بشكل خاص أشعة الشمس لفترات طويلة من الزمن.
ولم تعد النباتات قادرة على الخضوع لعملية التركيب الضوئي وبدأت بالموت، وبهلاكها لم يعد للحيوانات مصدر للطعام وبدأت هي أيضًا بالمعاناة والموت جوعًا. كما يعتقد أيضًا أن مستويات الأكسجين قد انخفضت وذلك بسبب نقص التركيب الضوئي. وأثر نقص الطعام والأكسجين بشكلٍ أكبر على الحيوانات الضخمة كالديناصورات الأرضية، أما الحيوانات الأصغر والتي كان بإمكانها تخزين الطعام وتحتاج لأكسجين أقل فقد نجت ثم تمكنت من النمو والازدهار بزوال الخطر.
كما تضم الكوارث الأخرى الناتجة بشكل مباشر عن التصادمات: التسونامي والزلازل وربما أدت لزيادة النشاط البركاني. وتراكمت جميع هذه الأحداث المدمرة لتخلق نتائج انقراض العصر الطباشيري الثلاثي الجماعي.
ماذا عن الفرضية الأخرى حول انقراض الديناصورات؟
ولكن نواة الأرض غنية بالإيريديوم أيضًا، وهذه النواة هي مصدر الحمم البركانية التي يقول بعض العلماء أنها قذفت بتيارات كبيرة هائلة وتراكمت بسماكة أكثر من 1.5 ميل (2.4 كيلومتر) على 1 مليون ميل مربع (2.6 مليون كيلو متر مربع) من مساحة الهند.
ويعود تاريخ هذا الانفجار البركاني لحوالي 65 مليون سنة، وكان هذا الحدث البركاني سينشر الإيريدوم في جميع أنحاء العالم بالإضافة للغبار والغازات الدفيئة التي حجبت أشعة الشمس.
لكل فرضية ميزات خاصة. ويظن بعض العلماء أن كلا الفرضيتين قد تكونان ساهمتا معًا في الانقراض، بينما يقترح آخرون أن السبب الحقيقي كان تحولًا أكثر تدرجًا في المناخ والتغير في مستويات سطح البحر. ووضع هذا الانقراض بغض النظر عن سببه نهايةً لعهد التيرانوصور أيكس- Tyrannosaurus rex وفتح الباب أمام الثدييات لتتنوع بسرعة كبيرة وتتطور لفروع من الأحياء ظهرت حديثًا.
الانقراض الجماعي للديناصورات يحرك التطور
أوجد انقراض الديناصورات طريقًا كي تظهر أنواع جديدة وتتولى أدوارًا جديدة، إذ أفسح انقراض الديناصورات البرية الضخمة والمهيمنة المجال أمام الحيوانات الصغيرة كي تنجو وتزدهر بمجرد زوال العائق. واستفادت الثدييات على وجه الخصوص من خسارة الديناصورات الضخمة، وبدأت هذه الثدييات بالازدهار وأدى ذلك في النهاية لظهور أسلاف البشر وجميع الأنواع التي نراها اليوم على الأرض.
بكلمةٍ أخرى يمكن القول أن أحداث الانقراض الجماعي تحرك التطور على الأرض وتشكل مستقبل الانتقاء الطبيعي على تجمعات الأحياء. وحتى أن بعض العلماء يعتقد أننا في الوقت الحالي في وسط الانقراض الجماعي السادس.
ولأن هذه الأحداث تمتد غالبًا على ملايين السنين، فقد تكون تغيرات المناخ وتغيرات الأرض التي نشهدها في الوقت الحاضر تراكم فعليًا العديد من انقراض الأنواع التي سترى في المستقبل كحدث انقراض جماعي.
اقرأ أيضًا:
المصدر: thoughtco , nationalgeographic