كشفت ورقة بحثية نشرتها دورية “نيتشر إيكولوجي آند إيفولوشن” أمس، الإثنين 13 أغسطس، عن نوع جديد تمامًا من التيروصورات التي عاشت وازدهرت قبل نحو 215 مليون سنة، وتُعَدُّ أقدم الفقاريات الطائرة المعروفة حتى الآن.
ظهرت التيروصورات في أواخر العصر الترياسي، وهو عصر جيولوجي قديم شهد ظهور الديناصور الأول وبعض أنواع الزواحف الأخرى.
تقول الدراسة: “إن ذلك النوع من الفقاريات الطائرة انقرض تمامًا قبل نحو 66 مليون سنة، وإن التيروصور المُكتشَف حديثًا يُعَدُّ أول حفرية تُكتشف من العصر الترياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وثاني حفرية على مستوى القارتين الأمريكيتين؛ إذ عُثِر على جميع حفريات التيروصورات الترياسية الأخرى في منطقة جبال الألب في أوروبا، وهي تلك المنطقة التي تشمل إيطاليا والنمسا وسويسرا”.
وعُثِرَ على الحفرية في شمال غرب ولاية “يوتا” الواقعة غربي الولايات المتحدة الأمريكية، على بعد 800 كيلومتر من أقرب مُحيط، ووسط صحراء مساحتها 2.2 مليون كيلومتر مربع، تغطيها كُثبان رملية عملاقة.
وتشير الدراسة إلى أنه “على النقيض من التيروصورات الأوروبية الترياسيّة التي عاشت على جزر في البحر، فإن التيروصور المكتشَف كان يعيش في بيئة صحراوية قاسية، وهو ما يشير إلى أن تلك الكائنات انتشرت على نطاق واسع وفي بيئات متنوعة، وتأقلمت مع مختلِف الظروف البيئية والمناخية”.
ووجد الباحثون حفريات التيروصور الجديد في حالة استثنائية؛ فالعظام محفوظة بشكل جيد سمح بتصويرها بواسطة الأشعة المقطعية والحصول منها على صور ثلاثية الأبعاد، كما سمحت حالة الحفظ بتحديد ملامح لم يتمكن العلماء من تحديدها سلفًا في الأحافير الأخرى.
فعلى سبيل المثال، حدد العلماء على وجه الدقة طول الفك السفلي، ووجدوا أنه يُشبه حنجرة البجعات الحديثة، كما تم الحصول على عينة من الدماغ هي الأولى من نوعها بالنسبة لتلك المخلوقات.
وكمثل باقي التيروصورات، تمكَّن الكائن المُكتشَف من الطيران بواسطة أغشية جلدية متصلة بذراع ينتهي بأربع أصابع، كما كان يتنقل على الأرض بواسطة أربع قوائم، وكان يستطيع طي جناحه بشكل عمودي تمامًا، مكَّنه من استخدام قوائمه السفلية بحُرِّية تامة، وفق الدراسة.
يقول “بروكس بريت” -الأستاذ بقسم العلوم الجيولوجية بجامعة بريجهام يونج الأمريكية، والمؤلف الرئيسي للدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “إن ذلك الحيوان عاش في وسط حيوي غني بالكائنات الحية، كالديناصورات المفترسة والتماسيح ومجموعة من الزواحف”.
ويشير “بروكس” إلى أن الفريق البحثي عثر على الحفريات في بركة وسط الصحراء، ماتت بالقرب منها تلك الحيوانات، وحين جفت المياه، تكونت الحفريات، التي بلغ عددها إلى الآن أكثر من 18 ألف عظمة، منها نحو 30 عظمة للكائن الجديد.
أطلق “بريت” على ذلك الكائن اسم كايلستيفنتوس هانسيني Caelestiventus hanseni، مضيفًا أن “الجزء الأول من المقطع الأول من الاسم كايلستي caelesti يُشير إلى اسم ابنتي والذي يعني “السماوية” باللغة اللاتينية، أما الجزء الثاني من المقطع الأول إيفنتوس iventus فيُشير إلى كون الكائن المكتشف يستطيع الطيران ويعني “الريح”، وأما المقطع الثاني هانسيني hanseni فيعود إلى اسم أحد الجيولوجيين العاملين في مكتب الأراضي الأمريكية؛ بسبب مساعداته الجمة التي قدمها لفريق الباحثين”.
يقول “فابيو ماركو دالا فيكيا” -الباحث بمعهد الحفريات الكتالوني وأحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “إن طول جسم ذلك الكائن بلغ 18 سنتيمترًا، أما عرض جناحيه فبلغ ما لا يقل عن 1.5 متر، وكان لديه 112 سنًّا، وشفرات كبيرة في الفك العلوي وأسنان دقيقة في الفكين السفليين”.
ويوضح “فيكيا” أن الدراسة استغرقت نحو 3 سنوات ونصف، مضيفًا أن “الفريق البحثي الأمريكي استعان بمتخصصين من خارج الولايات المتحدة الأمريكية بسبب ندرة وجود التيروصورات في أمريكا، وبالتالي طلب مني زملائي الانضمام للمشاركة في مشروعهم البحثي لأنني إيطالي عشت في منطقة تزخر بتلك الكائنات، فضلًا عن حصولي على الدكتوراة في التيروصورات الترياسيّة”.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.