الطيور تستخدم المجال المغناطيسي للأرض لتحديد مساراتها
كشفت نتائج دراسة جديدة أن الطيور يمكنها الاستفادة من المجال المغناطيسي للأرض من أجل تصحيح مسارها والوصول إلى وجهاتها ثم العودة إلى موائلها دون الحاجة إلى خبرات سابقة، في حين كان الافتراض السابق أن الطيور يمكنها أن تستقرئ مواقعها بهذه الطريقة، لكن الدراسات السابقة لم تُظهر بوضوح أن استخدام المجال المغناطيسي كان لاستكشاف أراضٍ جديدة.
تُعد الدراسة التي أعدها باحثون من جامعتي “بانجور” و”كيلي” البريطانيتين ونشرتها دورية “كارنت بيولوجي”(Current Biology) اليوم “الجمعة”، 12 فبراير، الأولى من نوعها التي تُظهر بوضوح أن الطيور تستخدم المجال المغناطيسي لتوسيع خريطتها إلى ما بعد التجربة السابقة.
شرح الباحثون في الدراسة كيف يمكن لطيور “هازجة القصب الأوروبية” التنقل من موقع مغناطيسي يتجاوز ما مرت به في طريق هجرتها العادية، والعودة إلى هذا الطريق نفسه بعد نهاية الرحلة والانتقال على بُعد آلاف الكيلومترات من ممر الهجرة الخاص بهذه الطيور.
يعني هذا أن الطيور قادرة على ممارسة الملاحة الحقيقية، التي تُعرف بأنها القدرة على العودة إلى وجهة معروفة بعد الانتقال إلى مكان غير معروف دون الاعتماد على محيط مألوف أو إشارات تنبع من الوجهات، أو المعلومات التي تم جمعها في أثناء الرحلات بعيدًا عن الموائل.
وتمثل نتائج الدراسة دليلًا مباشرًا على قدرة الطيور المهاجرة على التنقل باستخدام الإشارات المغناطيسية الأرضية بما يتجاوز خبرتها السابقة التي اكتسبتها في رحلاتها الطويلة، وفق “ريتشارد هولاند”، أستاذ سلوك الحيوان في جامعة “بانجور” والباحث الرئيسي في الدراسة.
أظهرت الطيور استجابةً واضحةً نحو ممر الهجرة الخاص بها CREDIT: PAPER AUTHORS
لتصحيح اتجاهاتها في مسارات الهجرة خارج موائلها المألوفة، تجمع الطيور معلومات مكانية على مدار العام، من المعلومات المكانية التي كشفت الدراسة أن الطيور تفهمها الإشارات الجيومغناطيسية، مثل الميل والانحدار والاتجاه نحو الشمالين: الحقيقي (الجغرافي) والمغناطيسي، وهي بيانات مكانية يمكن التنبؤ بها عبر أجزاء كبيرة من الكرة الأرضية، ويمكن أن تُستخدم للملاحة.
يعرف الجغرافيون اتجاه الشمال الجغرافي (الحقيقي) بأنه الاتجاه نحو القطب الشمالي للأرض عند دائرة عرض 90 شمالًا، حيث تلتقي جميع خطوط الطول، ويقع شمال جزيرة جرينلاند، أما الشمال المغناطيسي فيُشار إليه على أنه الاتجاه الذي تتخذه البوصلة نحو الشمال.
يقول “هولاند” في تصريحات لـ”للعلم”: في الدراسة الحالية، اختبرنا اتجاه الطيور المهاجرة لمسافات طويلة بعد أن جرى احتجازها في الأَسر فترةً قصيرة ثم إطلاقها مرةً أخرى في البرية، وتعرضت لمحاكاة المجال المغناطيسي للأرض في موقع يبعد آلاف الأميال عن ممر الهجرة الطبيعي، واستخدمنا فيها ملف “هلمهولتز”، وهو جهاز يتيح إنتاج منطقة ذات مجال مغناطيسي منتظم.
أظهرت الطيور استجابةً واضحةً نحو ممر الهجرة الخاص بها، ووجهت أنفسها للطيران في اتجاه من شأنه أن يقودها إلى العودة إلى مسار الهجرة الصحيح.
من هنا استنتج الباحثون أن المجال المغناطيسي للأرض هو العامل الرئيسي في توجيه طيور “هازجة القصب الأوروبية” عندما تنحرف عن مسارها، ورغم أن الدراسة أُجريت على هازجة القصب الأوروبية، لكن يمكن تطبيق النتائج على الطيور المغردة الأخرى.
يلفت الباحث الرئيسي في الدراسة إلى أن الطيور جميعًا لا تستخدم الإشارات نفسها، إذ تشير تجارب أخرى خاصة على الطيور البحرية، إلى أن الإشارات المعتمدة على حاسة الشم تؤدي دورًا أكثر أهميةً في قدرة هذه الطيور على التنقل، لذلك قد تكون هناك فروقٌ بين الأنواع المختلفة في درجة الاعتماد على المجال المغناطيسي أو حاسة الشم في الحركة.
تم نقل المقال من Scientific American بالتصرف.
اقرأ أيضًا: أصل الإنسان لا يزال قيد التحقق