أدلة السلف المشترك – أدلة من التلون

قدم تلون الحيوانات دليلًا مبكرًا مهمًا على التطور عن طريق الاصطفاء الطبيعي، في الوقت الذي لم يتوفر فيه أي دليل مباشر.

تم اكتشاف ثلاث وظائف رئيسية للتلون في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وتم استخدامها لاحقًا كدليل على حدوث الاصطفاء: التمويه (التلون الوقائي)، والتنكر مثل: الباتيسيان والمولريان، والتحذير اللوني.

سعى علماء الطبيعة بما في ذلك المعاصرين لداروين مثل هنري والتر بيتس وفريتز مولر بعد الأدلة المفصلة التي قدمها داروين في كتابه (أصل الأنواع) ونظراً لعدم وجود آليات لتحليل التغير الوراثي أو الجينات في ذلك الوقت إلى الحصول على أدلة مما يمكنهم ملاحظته في الطبيعة.

التنكر والتحذير اللوني

وصف بيتس ومولر أشكال التنكر (والتي حملت الآن أسماءهم) بناءً على ملاحظاتهم عن الفراشات الاستوائية.

تم شرح هذه الأنماط الدقيقة من التلون بسهولة عن طريق الاصطفاء الطبيعي لأن الحيوانات المفترسة مثل الطيور التي تصطاد من خلال البصر سوف تصطاد وتقتل في أغلب الأحيان الحشرات التي تملك نماذج تنكر أقل كفاءة من تلك التي تتنكر بكفاءة عالية، لكن يصعب تفسير هذه الأنماط. سعى العلماء الذين اتبعوا نهج داروين مثل ألفريد راسل والاس وإدوارد باغنال بولتون، وهيو كوت وبرنارد كيتولويل في القرن العشرين إلى إثبات حدوث الاصطفاء الطبيعي.

التمويه

لاحظ والاس في عام 1889 أن التمويه الثلجي وخاصة الريش والفرو التي تغيرت مع المواسم، واقترح تفسيرًا واضحًا لها هو التكيف للاختفاء. استخدم كتاب بولتون لعام 1890 الذي حمل عنوان (ألوان الحيوانات) جميع أشكال التلون للدفاع عن فكرة الاصطفاء الطبيعي. وصف كوت أنواعًا كثيرة من التمويه والتنكر والتلون التحذيري في كتابه الذي نشر عام 1940 تحت عنوان (التلون التكيفي في الحيوانات) ولا سيما رسوماته الخاصة بالتلون المتزامن في الضفادع، وأقنع علماء الأحياء الآخرين بأن هذه السمات المخادعة كانت نتاجًا للاصطفاء الطبيعي. لاحظت العالمة كيتلويل تطور العث المفلفل، ووضحت أن هذا النوع قد تكيف مع تغير التلوث في البيئة، قدم ذلك دليلًا دامغًا على التطور الدارويني.

أدلة من النمذجة الرياضية

تسمح علوم الحاسوب بدراسة تكرار الأنظمة المعقدة المتغيرة ذاتياً، مما يقدم شرح رياضي لطبيعة العمليات التي تقف وراء عملية التطور، وتقدم أدلة على الأسباب الخفية للأحداث التطورية المعروفة. يمكن دراسة تطور الآليات الخلوية المحددة مثل جسيمات التضفير التي يمكن أن تحول الشريط الوراثي في الخلية إلى ورشة عمل واسعة تمتلك مليارات الأجزاء القابلة للتبديل والتي يمكن أن تشكل الأدوات التي تخلق الانسان بطريقة دقيقة.

«استغرقت الدراسة أكثر من خمسة عقود، لكن أصبح الحاسوب الإلكتروني الآن قويًا بدرجة كافية لمحاكاة التطور»، وهو يساعد في مجال المعلوماتية الحيوية محاولا حل المشكلات البيولوجية.

أتاحت البيولوجيا التطورية الحاسوبية للباحثين تتبع تطور عدد كبير من الكائنات الحية من خلال قياس التغيرات في الحمض النووي الخاص بهم، وليس من خلال التصنيف الفيزيائي أو الملاحظات الجسدية وحدها. حيث تمت مقارنة الأشرطة الوراثية بأكملها مما سمح بدراسة الأحداث التطورية المعقدة مثل تكرار الجينات ونقل الجينات الأفقي والتنبؤ بالعوامل المهمة في عملية الانتواع. وقد ساعد أيضًا في بناء نماذج حسابية معقدة من المجموعات الحيوية من أجل التنبؤ بنتيجة النظام الطبيعي مع مرور الوقت وتتبع وتبادل المعلومات حول عدد كبير متزايد من الأنواع والكائنات الحية.

يسعى العلماء في المستقبل لإعادة بناء شجرة الحياة المعقدة.

أوضح كريستوف أدامي الأستاذ بمعهد كيك للخريجين هذه النقطة في (تطور التعقيد الحيوي):

لإثبات أو دحض توجه ما في تطور التعقيد الحيوي يجب تحديد التعقيد بدقة وقياسه. يحدد تعريف نظري حديث للمعلومات التسلسل الجيني مع كمية المعلومات التي يخزنها حول بيئته. نحن نبحث في تطور التعقيد الحيوي في مجموعات الكائنات الممثلة حاسوبيا ونراقب بالتفصيل التحولات التطورية التي تزيد من التعقيد. وتبين أنه نظرًا لأن الانتقاء الطبيعي يجبر السلاسل الوراثية على التصرف كتجربة (عفريت ماكسويل) طبيعية داخل بيئة ثابتة، يؤدي ذلك إلى زيادة التعقيد الحيوي.

أوضح كل من ديفيد يارل وميشيل ديم (أساتذة في جامعة رايس) هذه النقطة في كتاباتهم تحت عنوان (قابلية التطور هي سمة قابلة للاختيار):

لم تتطور الحياة فقط، ولكنها تطورت لتتطور. وتطورت بذلك الارتباطات داخل بنية البروتين، وتطورت آليات لتغيير هذه الارتباطات أيضا. إن المعدّلات التي تحدث فيها الأحداث المختلفة داخل التسلسل الهرمي للحركات التطورية ليست عشوائية أو اعتباطية ولكن يتم اختيارها بواسطة التطور الدارويني.
بشكل منطقي: يؤدي التغير البيئي السريع أو الشديد إلى حدوث الاصطفاء وبالتالي حدوث المزيد من التطوير. لا تمنع السببية حدوث هذا الاصطفاء، وهو الأقوى في مقياس التغيرات الكبرى ضمن التسلسل الهرمي للطفرات. يتم تفسير العديد من النتائج داخل البيولوجيا التطورية والتي تعتبر حتى الآن من الحوادث التطورية عن طريق الاصطفاء لقابلية التطور. على سبيل المثال: يوضح الجهاز المناعي للفقاريات أن البيئة المتغيرة لمولدات الضد قد سببت ضغوطا انتقائية لاستخدام الكودونات القابلة للتكيف والبوليميرات منخفضة الدقة أثناء فرط التطفر. لوحظ وجود قوة دافعة مماثلة لاستخدام الكودون نتيجة لارتفاع معدلات الطفرات المنتجة في بروتين الهيماغلوتينين لفيروس إنفلونزا أ.

«أظهرت المحاكاة الحاسوبية لتطور التسلسلات الخطية أهمية إعادة تجميع بنيات السلاسل بدلاً من الطفرات النقطية وحدها. يجب أن تسمح الدورات المتكررة للطفرات النقطية وإعادة التركيب والاصطفاء بالتطور الجزيئي للسلاسل المعقدة في المختبر مثل سلاسل البروتينات». تشتمل الهندسة الجزيئية التطورية (تُسمى أيضًا التطور الموجه أو التطور الجزيئي في المختبر) على دورات متكرّرة للطفرات والتضاعف وإعادة التركيب واختيار أصلح الجزيئات الفردية (البروتينات والحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين والحمض النووي الريبوزي). يمكن إعادة إحياء التطور الطبيعي لنرى المسارات المحتملة من الدورات التحفيزية القائمة على البروتينات وعلى الحمض النووي الريبوزي وعلى الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين.

تم نقل المقال من ويكيبيديا العربية بالتصرف.

اقرأ أيضًا: أدلة السلف المشترك – أدلة من التوزيع الجغرافي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *