منذ وقت طويل مضى، عرف العلماء كيف أمكن للطيور فعل تلك المعجزة والنجاة من الكارثة المميتة التي تسبب بها كويكب أفضى إلى إبادة الديناصورات عن بكرة أبيها.
لكن ووفقًا لدراسة جديدة، “لم تنجُ كل الطيور” إنما كان الناجون مجرد فئة قليلة من أسلاف الطيور حالفها الحظ فنجت من الكارثة.
منذ حوالي 66 مليون سنة اصطدم كويكب قاتل بالأرض في منطقة شيشكولوب “Chicxulub” في المكسيك، وقضى على ثلاثة أرباع أشكال الحياة على سطح الأرض، بما في ذلك معظم الديناصورات غير الطائرة.
ويرى فريق بقيادة دانيال فيلد “Daniel Field”، وهو متخصص في علم أحافير الفقاريات في جامعة باث، أن معظم الطيور التي تعتمد على الأشجار قد قضي عليها بسبب حرائق الغابات التي تلت ذلك الحدث، ما ترك عددًا قليلًا من الناجين على الأرض.
ونتيجة لذلك، فقد افترض الباحثون أن التنوع الغني للطيور على كوكبنا اليوم ربما بدأ من مجرد عدد قليل من أنواع الطيور الصغيرة التي عاشت على الأرض وتبدو للوهلة الأولى مشابهةً لطائر السمان الحديث.
يقول فيلد: «لم تنتقل أسلاف الطيور الحديثة -والتي تعيش حاليًا على الأشجار- إلى الأشجار إلا بعدما تعافت الغابات من أثر الكويكب الذي أفضى إلى الانقراض».
وتمعّن الباحثون في سجل الحفريات مباشرةً قبل وبعد تأثير الكويكب، فأظهرت النتائج كميات هائلةً من الفحم من أشجار محترقة، ووفرةً من أحافير أبواغ السراخس المجهرية.
تقول عالمة الحفريات ريغان دون Regan Dunn من متحف فيلد في شيكاغو: «أولى النباتات التي تتلو أي كارثة، كحريق غابة أو انفجار بركاني على سبيل المثال، هي النباتات ذات الاستعمار الأسرع؛ لاسيما السراخس».
كانت أنواع الطيور التي تعيش على الأشجار تمر بوقت عصيب أملًا في البقاء على قيد الحياة في هذه الظروف البيئية القاسية، وقد أثبتت الأدلة في فروع الشجرة التطورية لأنواع الطيور الحديثة هذه الفكرة.
وبمقارنة مجموعة من الهياكل العظمية للطيور المتحجرة قبل وبعد تأثير الكويكب، وجد الباحثون أن الناجين كانوا من الطيور القاطنة على الأرض (وليست ساكنة الأشجار)، كما يبدو جليًا من الاختلافات في الهيكل العظمي، الساقين الأطول والأكثر ثباتًا.
يقول فيلد “Field” لمجلة ذا أتلانتك “The Atlantic”: «إن السلف المشترك لجميع الطيور الموجودة اليوم كان بالتأكيد طائرًا يعيش على الأرض».
ولكن في حين أن نتائج هذه الدراسة تبدو مقنعةً، إلا أن هناك تحديات جمةً تواجهها. إذ يعتقد بعض الخبراء أن نطاق الدراسة كان ضيقًا جدًا بحيث لا يمكن الحسم بمثل هذه الاستنتاجات الشاملة.
قال آلان كوبر “Alan Cooper”، عالم في التطور الجزيئي ولم يكن مشاركًا في الدراسة، لمجلة “Science”: «من الصعب حصر جميع الغابات المختفية عالميًا استنادًا إلى أدلة “فقط” من المناطق الشمالية».
بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يكون للعوامل التطورية الأخرى دورٌ في استمرارية أنواع معينة من الطيور، وإزالة الغابات هي جزء يسير من هذه الصورة الكاملة.
وقال جينجماي أوكونور Jingmai O’Connor من معهد علم الأحافير الفقارية وعلم تطور الإنسان في الصين: «لم يكن عاملًا وحيدًا ذاك الذي تسبب في انقراض نهاية العصر الطباشيري وبالمثل لم يكن ليؤدي عامل واحد “فقط” للانقراض داخل مملكة الطيور».
«فقد الغابات لم يكن سوى باعث من عدة عوامل ساهمت مجتمعةً وقررت أي أسلاف الطيور ستعيش».
نُشرت الدراسة في Current Biology
اقرأ أيضًا: كيف تكون رابحا في لعبة التطور ؟ ما الذي يفسر تفوق بعض الشعب الحيوانية بالعدد ؟