لا تزال نفس الآلية التطوّريّة التي تعرّف عليها تشارلز داروين قبل 150 عام فعّالةً في المدن الكبيرة، ولا يجب تجاهلها من الآن فصاعدًا، كما قال المحرّر في إحدى المجلات العلميّة المؤثرة.
قدّم كلٌّ من مارك جونسون، وجيمس سانتانغيلو، وروث ريفيكن من جامعة تورونتو ميسيسوجا في كندا، وبإدارةٍ من وقائع الجمعية الملكية، 15 ورقة بيّنت جميعها أنّ المدن تمثّل «عناصر تغيير» مؤثِّرة بصورةٍ كبيرةٍ للغاية على الانتقاء الطبيعي على مدى واسع من الأنواع، من البوم إلى براغيث الماء.
يقول جونسون: «إنّه أمرٌ لافتٌ للنظر، فقد تجاهل البيولوجيون المدن لسنين طويلة، ناظرين إليها على أنّها عناصر «مضادة للحياة»، ولم يلحَظوا سوى مؤخرًا أنّ المدن هي عناصر تغيير تدفع تطوّر الكائنات التي حولنا وحتّى بعضها التي تعيش بيننا».
وجدت الصورة التي نتجت عن البحث المتضمّن في الإصدار الخاص من المجلة ثلاثة اتجاهاتٍ للتطوّر في المدن: غالبًا ما تؤثّر المدن الكبيرة على عمليّة التطوّر بالانتقاء الطبيعي؛ تتكيّف الأنواع المُمتدّة على طول الطيف البيولوجي مع بيئة المدينة؛ والعديد من هذه الأنواع تتطوّر لتعيش جنبًا إلى جنبٍ مع البشر.
أوضحت إحدى الأوراق المتضمّنة في البحث الفروقات التكيّفيّة التي ظهرت بين برغوث البحر؛ وهو من العوالق الشائعة التي توجد بكثرة في البحيرات والأنهار والبرك وتعيش في المناطق الريفية، والأخرى التي تعيش في المدن.
أخذت كريستين برانس وزملاؤها من جامعة لوفين في بلجيكا عيناتٍ من براغيث الماء من مناطق ريفية وحضارية واختبروا مقاومتها لدرجة حرارة الماء، ووجدوا أنّ براغيث الماء الموجودة في المدينة كانت أفضل بكثيرٍ في تحمّل درجات الحرارة العالية مقارنةً بأولاد عمها في الريف.
وفي الطرف الآخر لمقياس التعقيد البيولوجيّ، تطوّرت (بومة الجحور – Athene cunicularia) في أمريكا الجنوبية لتتحمّل ضغط حياة المدينة بطريقةٍ أفضل.
اكتشف الباحثون الألمان بقيادة جيكوب مولر من معهد ماكس بلانك لعلم الطيور، أنّ البومة التي تعيش في مدن مختلفة قد طوّرت استجاباتٍ جينية متشابهة للعوامل البيئية، على الرغم من عدم وجود أي تزاوجٍ بينها.
يقول جونسون: «إنّ فهم كيفيّة تأثير المدن على الكائنات الموجودة في المدينة من الممكن أن يسهّل تصميم استراتيجياتٍ للآفات الموجودة في المدينة، ويساعد في تقليل تأثير البشر على انتشار الأنواع العدائية».
اقرأ أيضًا:
سؤال مهم: من أين جاء الدجاج وكيف كان داروين مخطئًا؟
المصدر: cosmosmagazine